حتى المقابر لم تسلم

منذ النكبة المنكودة في العام 1948، قامت ما تُسّمى بـ”دائرة أراضي إسرائيل” بوضع اليد ومصادرة مئات المقابر الإسلامية والأوقاف الإسلامية، تحت غطاء ما يسمى بـ”قانون أملاك الغائبين”.
ولم تسلم المُقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في فلسطين، كلّ فلسطين، بما في ذلك، من طرفي ما يُسّى بالخط الأخضر، لم تسلم من مخططات الصهيونيّة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر، قامت سلطات الدولة العبريّة بتحويل الكنيسة في قرية البصّة المُهجرّة، المتاخمة للحدود مع لبنان، إلى إسطبل للحيوانات، علاوة على قيام المستوطنين بمنع أهالي القرية الأصلانيين بزيارة القرية، كما رفضت طلباتهم المتكررة لترميم الكنيسة. وفي السياق ذاته، أفاد تقرير صادر عن (مؤسسة الأقصى) بأنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ هدمت منذ النكبة الفلسطينية أكثر من 1200 مسجد وحولّت الكثير مما تبقى من مساجد إلى خمارات وكنس وبنت الفنادق الشاهقة على المقابر.
واليوم بدأ المُخطط الخبيث للاستيلاء على مقبرة الشهيد عزّ الدين القسام، الواقعة بالقرب من مدينة حيفا. وفي هذا السياق، أكدت “مؤسسة الأقصى للوقف والتراث” في بيان لها بأنّ مقبرة القسام الواقعة في بلد الشيخ بجوار مدينة حيفا، بكامل مساحتها هي مقبرة إسلامية لها قدسيتها الأبدية وحرمتها مصونة، وهي وقف إسلامي خالص، لا يجوز بيعه أو استعماله لأي هدف آخر غير أن تكون مقبرة للمسلمين، فيما أكدت المؤسسة أنها لا تعترف بأي صفقة بيع للمقبرة أو أجزاء منها، كونها مقبرة ووقف إسلامي خالص، وأعربت المؤسسة أنها ستواصل الدفاع عن المقبرة وقدسيتها ووقفيتها بكل الوسائل المشروعة وأهمها النشاطات الشعبية والجماهيرية محلياً وقطرياً وعالمياً، وأنها ترفض كل أساليب التخويف والترهيب التي تمارسها بعض أذرع المؤسسة الإسرائيلية تجاهها وتجاه كل من يحاول الدفاع عن المقبرة، تحت غطاء الملاحقة القانونية لكل طرف يحاول حماية المقبرة ومنع استهدافها، علماً أن “مؤسسة الأقصى”، كانت قد أصدرت بياناً بتاريخ 17/6/2014 حذّرت فيه من مخططات لاستهدافها بمصادرة وبيع جزء منها من قبل أطراف إسرائيلية ومخطط لإقامة مراكز تجارية على أجزاء منها. ونبّهت المؤسسة إلى أنّ هناك مساع إسرائيلية لمواصلة استهداف مقبرة القسام، أو أجزاء منها، عن طريق الإعلان والتداول الإعلامي عن شركات إسرائيلية نيتها إقامة مخازن تجارية على جزء من المقبرة، أو نية جهات إسرائيلية بيع جزء من المقبرة تدّعي ملكيتها لها منذ سنين، وبهذا الصدد كررت المؤسسة أن المساحة المتحدث عنها، هي جزء لا يتجزأ من مقبرة القسام، وبالتالي فإن “مؤسسة الأقصى” ستقوم بكل جهدها التصدي لكل محاولات استهداف المقبرة ، وستقوم بسلسلة من النشاطات الشعبية بالمشاركة مع أهل حيفا، وأهالي الداخل الفلسطيني، بل وإيصال القضية إلى التفاعل الإسلامي والعربي والفلسطيني ككل، كون قضية الأوقاف والمقدسات الإسلامية والمسيحية في بلادنا، هي قضية تهم العالم الإسلامي والعربي والفلسطينيّ.
وأشارت المؤسسة إلى أنّه وبناء على تحركات متعددة للمؤسسة منذ نحو أربعة أشهر، وكشفها عن مخططات جديدة لاستهداف مقبرة القسام ، قامت ما يسمى بـشركة (كيرور أحزكوت)، برفع دعوى ضد جهات عدة، منها جهات إسلامية وبضمنها “مؤسسة الأقصى”، بل في الأساس ضدّ المؤسسة، تطلب فيها استصدار أمر يمنع بالدخول إلى الموقع المذكور، والعمل على منع دخول أي طرف من جهتها، وهو مساحة نحو 15 دونما من أراضي مقبرة القسام، أو دفن الأموات فيها، أو تحضير أو تهيئة أرضية لدفن مستقبلي لأموات المسلمين في الموقع المذكور، كما أوضحت الشركة الإسرائيليّة أنها ستعمل بكل الطرق القانونية المتاحة من أجل إخلاء القبور الإسلامية في القطعة المذكورة.
وتأكيدًا على موقف “مؤسسة الأقصى” بخصوص آخر التطورات فقد وجهّت رسالة بواسطة محامي المؤسسة المحامي محمد سليمان إغبارية، إلى العنوان والشخص الإسرائيلي الذي أعرب عن نيته شراء قطعة من أرض المقبرة، جاء فيها بأن القطعة التي يتم الحديث عنها هي جزء لا يتجزأ من مقبرة القسام، وقد دفن فيها العديد من المسلمين، وبقي فيها من الشواهد التي تشير إلى ذلك، وأضافت: كل نشاط أوْ مشروع ينفذ أو يخطط إلى تنفيذه على جزء من المقبرة يشكل انتهاكاً صارخاً للمقبرة ومشاعر جميع المسلمين في البلاد وفي كل العالم، بل ويشكل انتهاكاً لحرمة هذا المكان المقدس للمسلمين.
وتابعت الرسالة، أنّه وبحسب فتوى شرعية صادرة عن علماء ومفتين مسلمين كبار في البلاد والعالم ، وبحسب فتوى شرعية صادرة عن محكمة الاستئناف الشرعية في غربي القدس، يُمنع ويُحُرّم بيع مقبرة إسلامية، أوْ إخراج عظام من القبر أوْ نقل القبر أو العظام أو الرفات من القبر إلى مكان آخر، وكذلك تحريم تنفيذ أي أعمال أو مشروع في حدود مقبرة إسلاميّة.

نقلا عن صحيفة الرأي اليوم
 
أعلى