احمد
عضو فعال
فضل العلم والتعليم, حكم كاتم العلم , التعليم والاجر عليه , فضائل العلم
الْآدَاب الشَّرْعِيَّة - التعليم وما قيل في أخذ الأجر عليه
- ص 151 - فَصْلٌ ( فِي خَطَرِ كِتْمَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِ التَّعْلِيمِ وَمَا قِيلَ فِي أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ ) قَالَ مُثَنَّى : إنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ «
مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ
» فَرَفَعَهُ وَلَمْ يَرَ إذَا سُئِلْت عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْ أُجِيبَ عَلِمْت ،وَلَمْ يَرَ الْجُلُوسَ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ لِمَكَانِ الشُّهْرَةِ ،وَلَمْ يَكْرَهْ أَنْ أُحَدِّثَ فِيهِ إذَا مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ مِنِّي وَإِنْ كُنْت مُتَعَلِّمًا .
وَقَالَ الْخَلَّالُ : سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الْأَحَادِيثُ فِيمَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ .
قَالَ أَبُو دَاوُد ( بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الْعِلْمِ ) ثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا حَمَّادٌ أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «
مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
» وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ لَهُ طُرُقٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ،وَعَلِيٌّ مِنْ رِجَالِ الْبُخَارِيِّ ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى : (
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْـزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ
) .
قَالَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ تُوجِبُ إظْهَارَ عُلُومِ الدِّينِ مَنْصُوصَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَنْبَطَةً ،وَتَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ عَلَى مَا يَجِبُ فِعْلُهُ ،كَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَدْ يُسْتَحَقُّ - ص 152 - الْأَجْرُ عَلَى مَا يَجِبُ فِعْلُهُ كَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى خِلَافٍ مَشْهُورٍ فِيهِ .
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : إنَّكُمْ تَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ الْمُوعِدِ وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْت أَحَدًا بِشَيْءٍ أَبَدًا ثُمَّ تَلَا (
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْـزَلْنَا
) إلَى آخِرِهَا .
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «
أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمُسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ
» . وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ وَقَالَ : إنَّ كَاتِمَ الْعِلْمِ يَلْعَنُهُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُ اللَّاعِنُونَ ،وَمُرَادُ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَغَرَضٌ صَحِيحٌ فِي كِتْمَانِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : عِلْمٌ لَا يُقَالُ بِهِ كَكَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ ،وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَوَّلُ بَابٍ مِنْ الْعِلْمِ الصَّمْتُ ثُمَّ اسْتِمَاعُهُ ثُمَّ الْعَمَلُ بِهِ ثُمَّ نَشْرُهُ .
وَعَنْ الْمَسِيحِ مَنْ تَعَلَّمَ وَعَمِلَ فَذَاكَ يُسَمَّى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ ، وَعَنْ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِّمْ مَجَّانًا كَمَا عُلِّمْت مَجَّانًا وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إيَّاكُمْ وَغُلُولَ الْكُتُبِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : إذَا كَتَمَ الْعَالَمُ عِلْمَهُ اُبْتُلِيَ إمَّا بِمَوْتِ الْقَلْبِ ،أَوْ يُنَسَّى ،أَوْ يَتْبَعُ السُّلْطَانَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَ هَذَا الْمَعْنَى بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ فِي فَصْلِ " جَاءَ رَجُلَانِ " وَقَبْلَهُ بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ فِي فَصْلٍ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ :
وَيُشْتَرَطُ فَهْمُ الْمُتَعَلِّمِ وَالسَّائِلِ وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ بِذَلِكَ ،عَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ إمَامِنَا وَأَصْحَابِنَا ،وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ،وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ حِفْظَهُ وَضَبْطَهُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ التَّعْلِيمُ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ فَرَائِضِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ إلَّا بِالْحِفْظِ .
وَقَالَ مُهَنَّا : سَأَلْت أَحْمَدَ قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : رُبَّمَا جَاءَنِي مَنْ يَسْتَأْهِلُ فَلَا أُحَدِّثُهُ ،وَيَجِيءُ مَنْ لَا يَسْتَأْهِلُ أَنْ أُحَدِّثَهُ فَأُحَدِّثُهُ .
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَ مَا ضُرِبَ قَالَ : هَذَا زَمَانُ حَدِيثٍ ؟ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ : يَحِلُّ لَك أَنْ تَمْنَعَنِي حَقِّي وَتَمْنَعَ هَذَا حَقَّهُ ؟ لِرَجُلٍ آخَرَ - ص 153 - سَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ،فَقَالَ : وَمَا حَقّكُمْ قَالَ : مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ قَالَ : فَسَكَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ . وَعَنْهُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ جَمَاعَةٌ نَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ : قَدْ قُلْتُ الْيَوْمَ لَا أُجِيبُ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَكِنْ تَرْجِعُونَ فَأُجِيبَكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَالَ الْأَثْرَمُ : أَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى فَقَالَ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ : كُنَّا نَأْتِي الْجَرِيرِيَّ فِي الْعَشْرِ فَيَقُولُ : هَذِهِ أَيَّامُ شُغْلٍ وَلِلنَّاسِ حَاجَاتٌ فَابْنُ آدَمَ إلَى الْمُلَالِ مَا هُوَ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَأَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَحُثَّهُ عَلَى الْحَدِيثِ قَالَ : لَيْسَ لَهُمْ إكْرَامٌ لِلشُّيُوخِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى بَابِنَا فَقَالَ لِي أَبِي اُخْرُجْ إلَيْهِ فَقُلْ لَهُ : لَسْتُ أُحَدِّثُكَ وَلَا أُحَدِّثُ قَوْمًا أَنْتَ فِيهِمْ ،فَقُلْتُ : مَا شَأْنُهُ يَا أَبَتِ ؟ قَالَ : رَأَيْتُهُ يَمْجُنُ عَلَى بَابِ عَفَّانَ .
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى الْكُتَّابِ لِيُحَدِّثَ قَالَ الرَّاوِي : فَأَخْرَجْنَا الْكُتُبَ فَاطَّلَعَ رَجُلٌ صَاحِبُ هَيْئَةٍ وَلِبَاسٍ فَنَظَرَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فَأَطْبَقَ الْكِتَابَ وَغَضِبَ وَقَامَ ،فَقَالَ الرَّجُلُ : أَنَا أَذْهَبُ فَحَدِّثْ الْقَوْمَ ،فَقَالَ : لَيْسَ أُحَدِّثُ الْيَوْمَ .
وَعَنْ مُغِيرَةَ قَالَ : كُنْتُ أُحَدِّثُ النَّاسَ رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ ،فَأَنَا أَمْنَعُهُمْ الْيَوْمَ رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ ،وَعَنْ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : وَخَرَجَ إلَيْنَا فَرَأَى جَمَاعَتَنَا فَشَكَا ذَلِكَ إلَيْنَا ،وَأَخْبَرَنَا بِمَا يَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ السُّلْطَانِ قَالَ : وَلَوْلَا ذَلِكَ لَخَفَّ عَلَيَّ أَنْ آتِيَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ قُلْت لِأَحْمَدَ : أَيَسَعُك أَلَّا تُحَدِّثَ ؟ قَالَ : لِمَ لَا يَسَعُنِي ؟ ،أَنَا قَدْ حَدَّثْتُ وَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ بْنُ فَارَةَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِمَ قَطَعْتَ الْحَدِيثَ وَالنَّاسُ يَحْتَاجُونَ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا ؟ فَسَمَّى رَبَاحَ بْنَ زَيْدٍ وَحِبَّانَ أَبُو حَبِيبٍ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ حَدَّثَا ثُمَّ قَطَعَا .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَأَلُونِي يَعْنِي فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي وَرَدَتْ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ فَلَمْ أُجِبْ قُلْتُ : فَلِأَيِّ شَيْءٍ امْتَنَعْتَ أَنْ تُجِيبَ ؟ قَالَ خِفْتُ أَنْ تَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى غَيْرِهَا ؛ قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسَأَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ : قَدْ فَقَدْتُ بَعْضَ ذِهْنِي - ص 154 - وَسَأَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَاقَانَ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ : قَدْ فَقَدْتُ بَعْضَ ذِهْنِي .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي أَوَائِلِ صَيْدِ الْخَاطِرِ : أَنَا لَا أَرَى تَرْكَ التَّحْدِيثِ بِعِلَّةِ قَوْلِ قَائِلِهِمْ : إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي شَهْوَةً لِلتَّحْدِيثِ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ شَهْوَةِ الرِّيَاسَةِ فَإِنَّهَا جِبِلَّةٌ فِي الطِّبَاعِ . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي مُجَاهَدَتُهَا . وَلَا يُتْرَكُ حَقٌّ لِلْبَاطِلِ .
الْآدَاب الشَّرْعِيَّة - التعليم وما قيل في أخذ الأجر عليه
- ص 151 - فَصْلٌ ( فِي خَطَرِ كِتْمَانِ الْعِلْمِ وَفَضْلِ التَّعْلِيمِ وَمَا قِيلَ فِي أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ ) قَالَ مُثَنَّى : إنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ «
وَقَالَ الْخَلَّالُ : سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ يَقُولُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الْأَحَادِيثُ فِيمَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ .
قَالَ أَبُو دَاوُد ( بَابُ كَرَاهِيَةِ مَنْعِ الْعِلْمِ ) ثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا حَمَّادٌ أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ صَالِحُ الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى : (
قَالَ : وَهَذِهِ الْآيَةُ تُوجِبُ إظْهَارَ عُلُومِ الدِّينِ مَنْصُوصَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَنْبَطَةً ،وَتَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ اسْتِحْقَاقُ الْأَجْرِ عَلَى مَا يَجِبُ فِعْلُهُ ،كَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَدْ يُسْتَحَقُّ - ص 152 - الْأَجْرُ عَلَى مَا يَجِبُ فِعْلُهُ كَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى خِلَافٍ مَشْهُورٍ فِيهِ .
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : إنَّكُمْ تَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ الْمُوعِدِ وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْت أَحَدًا بِشَيْءٍ أَبَدًا ثُمَّ تَلَا (
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «
وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَوَّلُ بَابٍ مِنْ الْعِلْمِ الصَّمْتُ ثُمَّ اسْتِمَاعُهُ ثُمَّ الْعَمَلُ بِهِ ثُمَّ نَشْرُهُ .
وَعَنْ الْمَسِيحِ مَنْ تَعَلَّمَ وَعَمِلَ فَذَاكَ يُسَمَّى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ ، وَعَنْ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِّمْ مَجَّانًا كَمَا عُلِّمْت مَجَّانًا وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إيَّاكُمْ وَغُلُولَ الْكُتُبِ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : إذَا كَتَمَ الْعَالَمُ عِلْمَهُ اُبْتُلِيَ إمَّا بِمَوْتِ الْقَلْبِ ،أَوْ يُنَسَّى ،أَوْ يَتْبَعُ السُّلْطَانَ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ وَسَبَقَ هَذَا الْمَعْنَى بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ فِي فَصْلِ " جَاءَ رَجُلَانِ " وَقَبْلَهُ بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ فِي فَصْلٍ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ :
وَيُشْتَرَطُ فَهْمُ الْمُتَعَلِّمِ وَالسَّائِلِ وَيَسْقُطُ الْفَرْضُ بِذَلِكَ ،عَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ إمَامِنَا وَأَصْحَابِنَا ،وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ ،وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ حِفْظَهُ وَضَبْطَهُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ التَّعْلِيمُ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ فَرَائِضِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ إلَّا بِالْحِفْظِ .
وَقَالَ مُهَنَّا : سَأَلْت أَحْمَدَ قَالَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : رُبَّمَا جَاءَنِي مَنْ يَسْتَأْهِلُ فَلَا أُحَدِّثُهُ ،وَيَجِيءُ مَنْ لَا يَسْتَأْهِلُ أَنْ أُحَدِّثَهُ فَأُحَدِّثُهُ .
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَ مَا ضُرِبَ قَالَ : هَذَا زَمَانُ حَدِيثٍ ؟ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ : يَحِلُّ لَك أَنْ تَمْنَعَنِي حَقِّي وَتَمْنَعَ هَذَا حَقَّهُ ؟ لِرَجُلٍ آخَرَ - ص 153 - سَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ ،فَقَالَ : وَمَا حَقّكُمْ قَالَ : مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ قَالَ : فَسَكَتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ . وَعَنْهُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ جَمَاعَةٌ نَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ : قَدْ قُلْتُ الْيَوْمَ لَا أُجِيبُ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَكِنْ تَرْجِعُونَ فَأُجِيبَكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَالَ الْأَثْرَمُ : أَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى فَقَالَ قَالَ أَبُو عَوَانَةَ : كُنَّا نَأْتِي الْجَرِيرِيَّ فِي الْعَشْرِ فَيَقُولُ : هَذِهِ أَيَّامُ شُغْلٍ وَلِلنَّاسِ حَاجَاتٌ فَابْنُ آدَمَ إلَى الْمُلَالِ مَا هُوَ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ كَأَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَحُثَّهُ عَلَى الْحَدِيثِ قَالَ : لَيْسَ لَهُمْ إكْرَامٌ لِلشُّيُوخِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى بَابِنَا فَقَالَ لِي أَبِي اُخْرُجْ إلَيْهِ فَقُلْ لَهُ : لَسْتُ أُحَدِّثُكَ وَلَا أُحَدِّثُ قَوْمًا أَنْتَ فِيهِمْ ،فَقُلْتُ : مَا شَأْنُهُ يَا أَبَتِ ؟ قَالَ : رَأَيْتُهُ يَمْجُنُ عَلَى بَابِ عَفَّانَ .
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى الْكُتَّابِ لِيُحَدِّثَ قَالَ الرَّاوِي : فَأَخْرَجْنَا الْكُتُبَ فَاطَّلَعَ رَجُلٌ صَاحِبُ هَيْئَةٍ وَلِبَاسٍ فَنَظَرَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فَأَطْبَقَ الْكِتَابَ وَغَضِبَ وَقَامَ ،فَقَالَ الرَّجُلُ : أَنَا أَذْهَبُ فَحَدِّثْ الْقَوْمَ ،فَقَالَ : لَيْسَ أُحَدِّثُ الْيَوْمَ .
وَعَنْ مُغِيرَةَ قَالَ : كُنْتُ أُحَدِّثُ النَّاسَ رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ ،فَأَنَا أَمْنَعُهُمْ الْيَوْمَ رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ ،وَعَنْ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : وَخَرَجَ إلَيْنَا فَرَأَى جَمَاعَتَنَا فَشَكَا ذَلِكَ إلَيْنَا ،وَأَخْبَرَنَا بِمَا يَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَكَانِ السُّلْطَانِ قَالَ : وَلَوْلَا ذَلِكَ لَخَفَّ عَلَيَّ أَنْ آتِيَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ قُلْت لِأَحْمَدَ : أَيَسَعُك أَلَّا تُحَدِّثَ ؟ قَالَ : لِمَ لَا يَسَعُنِي ؟ ،أَنَا قَدْ حَدَّثْتُ وَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ بْنُ فَارَةَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِمَ قَطَعْتَ الْحَدِيثَ وَالنَّاسُ يَحْتَاجُونَ فَمَنْ فَعَلَ هَذَا ؟ فَسَمَّى رَبَاحَ بْنَ زَيْدٍ وَحِبَّانَ أَبُو حَبِيبٍ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ حَدَّثَا ثُمَّ قَطَعَا .
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَأَلُونِي يَعْنِي فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي وَرَدَتْ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ فَلَمْ أُجِبْ قُلْتُ : فَلِأَيِّ شَيْءٍ امْتَنَعْتَ أَنْ تُجِيبَ ؟ قَالَ خِفْتُ أَنْ تَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى غَيْرِهَا ؛ قَالَ : وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَسَأَلَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ : قَدْ فَقَدْتُ بَعْضَ ذِهْنِي - ص 154 - وَسَأَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَاقَانَ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ : قَدْ فَقَدْتُ بَعْضَ ذِهْنِي .
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي أَوَائِلِ صَيْدِ الْخَاطِرِ : أَنَا لَا أَرَى تَرْكَ التَّحْدِيثِ بِعِلَّةِ قَوْلِ قَائِلِهِمْ : إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي شَهْوَةً لِلتَّحْدِيثِ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ شَهْوَةِ الرِّيَاسَةِ فَإِنَّهَا جِبِلَّةٌ فِي الطِّبَاعِ . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي مُجَاهَدَتُهَا . وَلَا يُتْرَكُ حَقٌّ لِلْبَاطِلِ .