Dode
عضو مشارك
الدرس السابع عشر
وَاحَرَّ قلباهُ
أولاً: الشكل
المفردات:
واحَرَّ – قلباه – شَبِم – برى – أُكَتَّم – الخصام – الخصم – الحَكَم – سَقَم - أعيذها – تحسَب – ناظره – استوت – صَمَم – شواردها – جَرَّاها – الليث – مهجة – حَرَم – مُرهف – الجحفَلين – البيداء – القِرطاس – وجداننا – عدَم – ذانِ – يَصِم- مِقَة – الدُّرّ – كَلِم.
التراكيب:
فيك الخصام – انتفاعُ بِـ – نظر إلى – أنام عن – يعزُّ على .
ضبط بنية الكلمات:
شَبِمُ ( بفتح الشين وكسر الباء)- أُكَتِّمُ ( بضم الهمزة وفتح الكاف وتشديد التاء مع الكسر) – تَحْسَب ( بفتح السين وهي تختلف في المعنى عن " تحسِب" بكسر السين) – القِرطاس( بكسر القاف) – وِجْدانُنا ( بكسر الواو وتسكين الجيم) – أرضاكُمُ ( بضم الميم محافظةً على الوزن) يَصِمُ ( بكسر الصاد وضم الميم دون تشديد، وهي تختلف في المعنى عن " يَصُمُّ " بضم الصاد وتشديد الميم) – مِقَةٌ( بكسر الميم وفتح القاف وتنوين ضم على التاء المربوطة) – جَفْن ( بفتح الجيم).
الأساليب:
الاستفهام:
- مالي أكَتِّم حُبًَّا قد برى جسدي؟
- وما انتفاع أخي الدنيا بناظره؟
النداء:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي.
واحرَّ قلباه مَّمن قلبه شَبِمُ.
يامن يعزُّ علينا أن نفارقهم.
الشرط:
- إن كان سرَّكم ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ
- إذا استوت عنده الأنوار والظلم. ( جواب الشرط: الشطر الأول).
- إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنَّن أن الليث يبتسم
التعجب:
ما أبعد العيب والنتقصان عن شرفي.
النفي:
شرُّ البلاد مكانُ لا صديق به.
التوكيد:
قد ضُمِّنَ الدُّرَّ.
دلالات الألفاظ والعبارات:
واحرَّ قلباه: دليل شوقه الشديد لسيف الدولة الحمداني.
ممَّن قلبِه شبِمُ: دليل على عدم شوق سيف الدولة للمتنبي وعلى فتوره وعدم اهتمامه.
مالي أكَتِّم: دليل على حرصه على كتمان الأمر والتشديد في هذا الأمر.
مالي أكتِّم ---- البيت: خرج الاستفهام عن معناه إلى الاستنكار، فهو يستنكر على نفسه أن تقوم بكتمان حبه لسيف الدولة ، في حين أن الناس جميعًا يدَّعون ويظهرون حبهم له.
يا أعدل الناس إلا في معاملتي: استهجان من الشاعر لسلوك سيف الدولة الذي يعامل الشاعر معاملة تختلف تمامًا عن معاملته لجميع الناس بالعدل والإنصاف.
وأنت الخصم والحَكَمُ: دليل على يأسه من أن يقوم سيف الدولة بإنصافه.
إذا استوت عنده الأنوار والظلم: دليل على أنه أعمى لا يفرِّق بين النور والظلام.
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي: دليل على جودة شعره المكتوب.
وأسمعت كلماتي من به صمم:دليل على جودة شعره المقروء.
ويسهر الخلق جَرَّاها ويختصم: دليل على عمق معانيها وعدم الوصول إلى هذه المعاني بسهولة.
فلا تظنَّنَّ أنَّ الليث يبتسم: دليل على وجوب عدم الانخداع بالمظاهر.
أدركتُها بجوادٍ ظهره حَرَم: دليل على سرعة الجواد، وكذلك دليل على فروسية الشاعر.
رِجلاه في الركض رِجلُ واليدان يدُ: دليل على السرعة، لأن الحصان عندما يجري بسرعة تنضم رجلاه وتقفزان معًا كأنهما رِجلٌ واحدة، كذلك تفعل اليدان.
ومرهفٍ سرتُ بين الجحفلين به: دليل على شجاعته.
حتى ضربتُ وموج الموت يلتطم: دليل على هول الموقف وشدة وطيس المعركة.
فالخيل والليل والبيداء تعرفني ---- البيت: دليل على شهرته التي طبَّقت الآفاق.
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي: دليل على شرفه وأنه لا يقترف الآثام أبدًا.
قد ضُمِّن الدُّر إلا أنه كَلِمُ: دليل على فصاحته وبلاغة كلامه.
6- الصور الجمالية:
واحَرَّ قلباه: شبَّه الشوق في قلبه لسيف الدولة بالشيء الحار.
فيمن قلبه شبم: شبَّه عدم شوق سيف الدولة له بشئ بارد.
مالي أكتِّم حبًا قد برى جسدي: شبَّه حبَّه لسيف الدولة بمادة مذيبة أذابت جسمه فأصبح نحيلاً.
فيك الخِصام وأنت الخصم والحكم: شبَّه ما بينه وبين سيف الدولة بما يجري في قاعة المحكمة، ولكن الدعوى في تلك المحكمة خاصة بسيف الدولة الذي هو أيضًا الخصم والقاضي في هذه القضية، ولذلك فإن الإنصاف فيها مستبعد.
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم: شبَّه نفسه بإنسان قد ورم جسمه فظنه البعض سمينًا، وكذلك هو في ظاهرِهِ أمام الناس معافى، ولكنه في الحقيقة يعاني من فتور العلاقة بيننه وبين سيف الدولة الحمداني.
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظُّلم: شبَّه الشاعر سيف الدولة بالأعمى الذي لا يفرق بين النوروالظلمة، فهو لا يميز بين أحوال الشاعر في حال معاناته وبينها في حالة اطمئنانه، فلا فائدة من بصره.
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي: شبَّه قوة شعره وفصاحته بأشعة من نوع خاص تستطيع أن تنفذ إلى عين الأعمى فيرى ويبصر ما كتبه من شعر.
وأسمعت كلماتي من به صمم: شبَّه شعره بصوت قوي يستطيع أن ينفذ إلى آذان الصُّم فيسمعون هذا الصوت.
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنَّنَّ أن الليث يبتسم: شبَّه حاله التي تبدو طبيعية سعيدة في حين أنه يعاني ويكابد، بحال أسد يُبرز أنيابه فيبدو أنه يضحك ويبتسم، فالمظهر في كلا الحالين لايدل على المخبر والحقيقة.
ومهجةٍ مهجتي من هَمِّ صاحبها أدركتُها بجوادٍ ظهره حَرَمُ: شبَّه مهجته من شدة معاناتها وهَمِّ صاحبها بناقةٍ قد غادرت المكان بسرعة فائقة فلم يستطع إدراكها إلا بجواد كريم سريع.
رجلاه في الركض رجلٌ واليدان يد: شبَّه رِجْلَي الجواد برجل واحدة لأنهما متلاصقتان، وهذا لا يكون إلا في ذروة سرعة الجواد، وكذلك شبَّه يديه بيدٍ واحدة لنفس السبب.
حتى ضربتُ وموج الموت يلتطم: شبَّه الموت في تلك المعركة ببحرٍ ذي موج عظيم. كما شبَّه ارتطام الموج بعضه ببعض بمن يلطم خده حزنًا.
فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم: جعل الشاعر من الجمادات كائناتٍ حيَّة تعرف الشاعر حق المعرفة فما بال البشر؟!
إنْ كان سرَّكم ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ: شبَّه الشاعر رضا سيف الدولة عنه بدواء شافٍ يجعل جراحاته غير مؤلمة حتى وإن كان سبب رضا سيف الدولة سروره بما قال الحاسدون.
أنا الثريا وذان الشيب والهرم: شبَّه الشاعر نفسه بالثريا في السماء التي لا يطالها أحدُ شرفًا ومكانة، وهو يردُّ بذلك على من جعل شيبه عيبًا وهرمه نقصاناً، فإن ذلك لا يؤثر على شرفه ومكانته.
هذا عتابك إلا أنه مقة قد ضُمِّن الدُّرَّ إلا أنه كَلِمُ: جعل الشاعر معاتبته لسيف الدولة نوعًا من المحبة، ثم شبَّه ما تضمنه هذا العتاب بالدُّر واللآلئ ولكنها ليست لآلئ حقيقية إنما هي الكلام الفصيح الجميل. أي أنه شبَّه الكلام الذي قاله في معاتبة سيف الدولة بالدُّرِّ واللآلئ.
ثانيًا: المضمون
الفكرة العامة:
المتنبي يعاتب سيف الدولة الحمداني ويفخر بنفسه.
2- الفِكَر الجزئية:
حب خفي لسيف الدولة.( البيتان 2،1).
عتاب وحكمة.( الأبيات 5،4،3).
فخر واعتزاز.( الأبيات 6-12).
عتاب وكبرياء.( الأبيات 13-17).
3-الحقائق:
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظُّلَمُ( الأعمى لا يتنفع بعينيه).
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنَّنَّ أن الليث يبتسمُ ( المظهر لا يدل على المخبر دائمًا).
اشتهر المتنبي بالشعر والفروسية.
4- الآراء:
رأي المتنبي في حُبِّ الأمم لسيف الدولة.
رأي المتنبي في معاملة سيف الدولة له، ولغيره من الناس.
رأي المتنبي في المكان الذي لا صديق به.
رأي الطالب في شعر المتنبي.
رأي الناس المعاصرين للمتنبي في المعاني المبتكرة في شعره.
رأي الطالب في قول الشاعر:
- فيك الخصام وأنت الخصم والحَكَم
- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
- والخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
- ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي أنا الثريا وذانِ الشيب والهرم.
5- المواقف:
موقف سيف الدولة من المتنبي.
موقف المتنبي من سيف الدولة.
موقف الأمم من سيف الدولة.
موقف بعض الناس ممن يرونه سميناً.
موقف الأعمى من النور والظلمة.
موقف كل من الأعمى والأصم من شعر المتنبي.( تجوُّزًا).
موقف الناس من شعر المتنبي.
موقف المتنبي مما يخوضه الناس حول شعره.
موقف بعض الناس إذا رأى نيوب الليث بارزة.( موقف المغفلين).
موقف المتنبي من حربه مع أعدائه.
موقف المتنبي في عتابه لسيف الدولة.
6- المفاهيم:
العدل – الخصم – الحَكَم – الأنوار – الظُّلَم – الليث – الجواد – الحاسد.
7- القيم والاتجاهات:
العدل في معاملة الناس.
عدم الانخداع بالمظاهر البرَّاقة.
الشجاعة والفروسية.
الابتعاد عن العيوب والنواقص.
معاتبة الأصدقاء إذا زلُّوا بأسلوب رقيق.
الفصاحة والبلاغة في مخاطبة الآخرين.
ثالثاً: التحليل الأدبي
1- التمهيد:
نوع النص: النص من الشعر الغنائي الذي يقوم على التعبير عن الحالات الوجدانية من عواطف وانفعالات جيَّاشة نلمسها واضحةً جليَّة في كل بيت، بل وفي كل كلمة من كلمات القصيدة. أما من حيث الأغراض الشعرية فالنص يتناول غرضين متداخلين هما العتاب والفخر: عتاب لسيف الدولة وفخر من الشاعر بنفسه.
صاحب النص: أبو الطيب المتنبي أحمد بن الحسين من قبيلة جعفة. وُلد في محلة كندة بالكوفة عام 303 هـ ، وكان أبوه يعمل سقَّاءً. نشأ في البادية وخالط فصحاء العرب، ثم نزح به أبوه إلى الحاضرة حيث دكاكين الكُتَّاب والورَّاقين ، فأخذ عنهم وحفظ دفاترهم. اتصل بسيف الدولة الحمداني أمير حلب، وظل معه في حِلِّه وترحاله، في سِلْمه وحربه. بلغ عنده منزلة أوغرت صدور حُسَّاده عليه حتى استطاعوا أن يخففوا من تمسُّك الأمير به، ففارق سيف الدولة، وذهب إلى مصر حيث مدح كافور الإخشيدي أملاً منه أن يولِّيه ولايةً، غير أنه لم يظفر بشئ من ذلك، فرحل من مصر وزار عضد الدولة البويهي في بلاد فارس، وفي أثناء عودته إلى بغداد خرج عليه جماعة على رأسهم فاتك الأسدي فقتلوه.
والمتنبي من عباقرة الشعراء العرب الذين قلَّما يجود الدهر بأمثالهم. كان طموحاً عزيز النفس، عالي الهمَّة، قوميَّ النزعة، سما بحكمته وشعره الحربي، وقوة معانيه.
العصر والبيئة التي ظهر فيها النص: القصيدة من العصر العباسي، حيث ازدهرت الحضارة فيه ازدهارًا كبيرًا، وتطورت المدنيَّة تطورًا عظيمًا، وشهد هذا العصر أحداثًا عظيمة، وتيارات سياسية شديدة، وكثرت فيه العلوم وازدهرت فيه الآداب وراجت الفلسفة، وامتزج العرب بالأعاجم امتزاجًا كبيرًا. أما بالنسبة للشعر في هذا العصر فقد كان هناك تياران متنازعان:
الأول: يدعو إلى التمسك بالقديم بكل ما فيه من سمات وخصائص.
الثاني: مجدِّد شديد الطموح للتحرر من القديم.
مناسبة النص: بعد أن فترت العلاقة بين الشاعر وسيف الدولة الحمداني بسبب تحريض الوشاة لسيف الدولة الحمداني على المتنبي، وانقضت فترة على هذه الحال، اشتاق الشاعر إلى سيف الدولة وإلى الأيام التي قضاها بصحبته فنظم هذه الأبيات يعاتب فيها سيف الدولة على مقاطعته له، ويفتخر بنفسه، حيث يريد الشاعر كما يبدو أن لا يظن أحد أنه حريص على الحصول على المكاسب والمنافع الشخصية من سيف الدولة.
تحليل المضمون تحليلاً أدبيًا:
الموضوع وأهميته: تتناول الأبيات عتابًا رقيقًا من الشاعر لسيف الدولة الحمداني الذي جفاه بسبب ما سعى به الوشاة والحاقدون، كما تتناول افتخار الشاعر بنفسه. وهذه الأمور مهمة للشاعر فقط، وتقتصر أهميتها بالنسبة للآخرين على التعرف على أسلوب الشاعر، وكيف استطاع أن يصور تصويرًا بليغًا مشاعره وأحاسيسه، بالإضافة إلى بعض القيم النبيلة التي وردت في القصيدة.
الأفكار وترابطها: تبدأ الأبيات بداية مؤثرة تصور حرارة قلب الشاعر ولوعته لما أصاب العلاقة بينه وبين سيف الدولة، وذلك كما يبدو حتى يؤثر في سيف الدولة لعله يعود عن جفوته للشاعر، ثم انتقل إلى الإقناع العقلي بعد الإقناع العاطفي فالشاعر لا يطلب سوى العدل في المعاملة وعدم الاغترار بالمظاهر، فالشاعر يغلي بركانًا بسبب فتور علاقة سيف الدولة به حتى وإن بدا غير مكترث بذلك، لأن المظهر لا يدل دائمًا على الجوهر والمخبر.
وعندما يصل الشاعر إلى هذه النقطة يبدا في الفخر بنفسه وشجاعته وشاعريته حتى لا يظن سيف الدولة أنه إنما يطلب مطامح تافهة، ولكن ما يحركه إنما هو مشاعره الصادقة نحو سيف الدولة.ويسهب الشاعر في هذا الفخر، فشعره قد أثر في الأعمى والأصم فما بال البصير والسميع؟ حتى أنه يقول أبياتًا من الشعر وينام نومًا هادئًا ويترك الآخرين يتجادلون في فهم معناها. وهو قد أصبح من الشهرة بمكان حتى أن الجمادات والحيوانات تعرفه حق المعرفة، وهو في المعارك لا يهاب الموت بل ينغمس بين صفوف الأعداء يقتِّل فيهم يمينًا وشمالاً.
بعد كل ذلك الفخر يعود الشاعر إلى العتاب الذي بدأ به قصيدته، ولكنه يبدأ باستفهام استنكاري،فهو يستهجن كيف رضي سيف الدولة بفراق الشاعر في حين أن هذا الفراق قد عزَّ عليه كثيرًا وجعله كالعدم، ولكن إن كان يرضيه ما سعى به الواشون فلا بأس لأن رضا سيف الدولة سيبرئ جراحات الشاعر، وإن كانت هذه الجراحات عميقة مؤثرة، فالشاعر كالثريا لم يتعود أن يقاطعه أحد، وهو يرى أن البلاد إن خلت من صديق فهي شر البلاد. وكل ذلك يقصد الشاعر من إيراده أن يؤثر في سيف الدولة ويستميل قلبه حتى يعيد ما انقطع من علاقة حميمة بينهما.
وأخيرًا يبين الشاعر أن كل ما قاله في قصيدته إنما هو عتاب بلغة قوية كالجواهر وليس تقريعًا أو ذمًا لسيف الدولة، حتى لا يستغل الواشون ذلك مرة أخرى ويزيدون في السعاية بينهما.
ومن كل ذلك نرى أن القصيدة محكمة السبك، وأفكارها في منتهى الترابط والتسلسل، وكل بيت جاء في مكانه المناسب. حتى ولو أنه بالإمكان تقديم أو تأخير بعض الأبيات دون إخلال كبير بالمعنى، ولكنها في وضعها الحالي في أنسب موضع.
-عمق المعاني: تتَّسم قصيدة المتنبي هذه بالعمق وعدم السطحية، وهي تشتمل على جوانب عاطفية وفكرية عديدة وعميقة. فقلبه يتحرَّق شوقًا لسيف الدولة، وهو الذي تعرفه الخيل والليل والبيداء والسيف والرمح والقرطاس والقلم، وهو الذي لا يهاب القتال ، فيسير بين الجيشين يضرب في الأعداء لا يهاب الموت الذي هو كالبحر متلاطم الأمواج، وهو الذي كالثريا شرفًا وعزًا، وهو الذي عتابه لسيف الدولة دُرَرٌ وجواهر ... إلى آخر هذه المعاني العميقة التي يصورها الشاعر أجمل تصوير في قالب مؤثر.
-سمو المعاني: تدعو القصيدة بطريقة غير مباشرة إلى العديد من المعاني السامية كالمحافظة على ود الأصدقاء حتى وإن جفوا، والعدل في معاملة الجميع، وعدم الاغترار بالمظاهر، والعزة والكرامة، والشجاعة في قتال الأعداء ...إلخ.
-شمول المعاني: تتناول القصيدة أساسًا العتاب والفخر، وهما موضوعان ليسا من الموضوعات الشاملة أو العامة التي تهم كل إنسان في كل زمان ومكان، إنما قد تعرض للإنسان في لحظات معينة. أما المعاني السامية التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة فهي أكثر شمولية وعمومية من العتاب والفخر.
-جدة المعاني وأصالتها: وردت في القصيدة الكثير من المعاني التي لم يسبق الشاعر فيها أحد، وتعبِّر عن أصالة وجدَّة في شعر المتنبي. ومن هذه المعاني:
تصوير سيف الدولة بأن القاضي والخصم والقضية المطروحة للمداولة في المحكمة.
تصوير الأعمى وقد امتلك حاسة خاصة استطاع بواسطتها رؤية شعر المتنبي.
تصوير الأصم وقد امتلك وسيلةً ما، استطاع بواسطتها سماع شعر المتنبي.
تصوير الحصان في عدوه أثناء المعركة بأن أصبحت له رجل واحدة ويد واحدة نظرًا لتلاصق رجليه وتلاصق يديه.
تصوير الموت ببحر متلاطم الأمواج لا يفلت منه أحد في أرض المعركة.
معرفة الجمادات والحيوانات للشاعر حق المعرفة.
تصوير عتاب الشاعر لسيف الدولة بالدُّرر والجواهر.
-العاطفة: سيطرت على الشاعر في القصيدة عاطفة فخر واعتزاز بالنفس، بالإضافة إلى عاطفة ألم وحزن على فتور العلاقة بينه وبين سيف الدولة. وقد كانت هاتان العاطفتان صادقتان تعبِّران تعبيرًا حقيقيًا عمَّا يجيش في نفس الشاعر، كما أنهما عاطفتان جاءتا قويتين مؤثرتين تؤثران في كل من يقرأ قصيدة المتنبي، فمقاطعة سيف الدولة للمتنبي سيطرت على الشاعر وأخذت عليه كل كيانه ووجدانه.
-الخيال: وردت في القصيدة الكثير من الأخيلة التي ساعدت في إبراز فكرة الشاعر وتصوير عواطفه تصويرًا بليغًا، ومن ذلك :
تخُّيل الجمادات والحيوانات قد تحولت أشخاصًا يصادقون الشاعر ويعرفونه حق المعرفة، فالخيل والليل والبيداء تعرفه، وكذلك السيف والرمح والقرطاس والقلم. وتخيل معي كل هذه الأمور وقد تحولت أشخاصًا تصادق الشاعر وتبادله العواطف والأحاسيس.
تخيُّل الكلام ( عتاب الشاعر لسيف الدولة) وقد تحوَّل إلى دُرٍّ وجواهر تلمع فتأخذ الأبصار، وهذا أمر يسرُّ النفس، ولا يسئ إليها بشيء.
3- تحليل الشكل تحليلاً أدبيًا:
أ- الألفاظ:
* جاءت ألفاظ القصيدة قوية متماسكة تؤثر في النفس، وتعبِّر عن عواطف الشاعر وأفكاره أصدق تعبير.
ففي البيت الأول الذي يصوِّر الشاعر فيه مدى لوعته على جفوة سيف الدولة له، استخدم كلمة
" واحرَّ" الدالة على التفجع، ثم استخدم " قلباه" ولم يستخدم " قلبي" لنفس الغرض.
وفي البيت الثاني استخدم كلمة " أُكتِّم" بتشديد التاء ولم يقل: " أكتُم" ليصور حرصه ومبالغته في كتم هذا الأمر الذي لا يقوى على كتمانه وهو حبه لسيف الدولة.
ثم نراه في أحد الأبيات يقول: أنا الذي نظر الأعمى " ولم يقل " نظر القارئ" مثلاً ليبين مدى تأثير شعره في المتلقِّين لدرجة أن الأعمى يستطيع رؤيته من لمعانه وبريقه. ومثل ذلك استخدم كلمة " صمم" بعد الفعل " أسمعت".
ثم نراه يستخدم كلمة" لا تظنَّنَّ" زيادة في التوكيد على النهي عن الانخداع بالمظاهر.
* ألفاظ الشاعر في مجملها سلسة قريبة من الأفهام لا تنافر بين حروفها وإن وردت بعض الألفاظ الغريبة مثل : شبم ، يَصِم ، مِقَة ، القِرطاس . أما باقي الألفاظ فهي في أغلبها فهي قريبة الفهم سهلة سلسة.
* وتعبِّر كثير من الألفاظ عن البيئة التي عاشها الشاعر، كما تعبِّر عن أسلوبه في الحياة، وحبه للشجاعة والفروسية، ومن تلك الألفاظ: الليث – جواد – حَرَم – الركض – الخيل – الليل – البيداء – السيف – الرمح – القرطاس – القلم – الثريا – جُرح.
* وقد سبق الحديث أن قصيدة الشاعر تناولت غرضين شعريين هما العتاب والفخر، فجاءت ألفاظ القصيدة متناغمة مع هذين الغرضين، وتعبر عنهما تعبيرًا واضحًا.
ففي العتاب استخدم الشاعر ألفاظًا مثل: واحرَّ، قلباه، سقم، أعدل، صديق، عتابك.
وفي الفخر استخدم الشاعر ألفاظًا بصيغة المتكلم مثل: أدبي – كلماتي – أنام – جفوني – مهجتي – أدركتُها – سرتُ – ضربتُ – تعرفني – شرفي – أنا.
ب - التراكيب: تراكيب القصيدة فصيحة بليغة لا يتعثر فيها اللسان ولا الذوق، ولاتقع فيها على تنافر في الألفاظ أو غموض أو مخالفة لأقيسة اللغة .
وقد جاءت كثير من التراكيب معبِّرة تعبيرًا صادقًا عن عواطف الشاعر وانفعالاته مثل: واحرَّ قلباه ، قلبه شبم ، مالي أكتِّم ، فيك الخصام، وأنت الخصم والحكم، نظر الأعمى ... إلخ.
وقد أكثر الشاعر من التراكيب التي تفيد الاحتراس والدقة في تحديد المقصود ومن ذلك:
- التركيب " عنده" في البيت الأول في قوله " ومن بجسمي وحالي عنده سقم" وذلك ليبين أن جسمه وحاله ليستا في حالة سقم في جميع الأحوال إنما فقط عند سيف الدولة.
- التركيب " منك" في قوله" " أعيذها نظراتٍ منك صادقةً"، فهو يريد أن يلفت نظر سيف الدولة دون غيره إلى هذا الأمر وهو عدم الاغترار بالمظاهر.
- التركيب " عنده" في قوله: " إذا استوت عنده الأنوار والظلم" فالأنوار والظًّلَم لا تستوي إلاعند الأعمى، أما في الحقيقة فهما غير مستويان.
- التركيب" في الركض" في قوله: " رجلاه في الركض رجلٌ" احتراساً من أن يظن أحد أن حصان الشاعر برجلٍ واحدة، إنما يظهر في الركض فقط وذلك لانضمام الرجلين وتلاصقهما، وهذا لا يكون إلا في شدة السرعة.
- الأسلوب: يتميز أسلوب الشاعر في هذه القصيدة بما يلي:
بروز شخصية الشاعر في قصيدته، وشدة إيمانه برأيه، وقوة اعتداده بنفسه، ولذلك أكثر الشاعر من استخدام صيغة المتكلم في القصيدة.
رصانة الأسلوب وجودة التركيب في متانةٍ وإحكام.
الإكثار من التشبيهات والاستعارات الأنيقة، وقد بدا ذلك واضحاً جليًا عند حديثنا عن الصور الجمالية في القصيدة.
انتقاء الألفاظ الفخمة المؤدية للمعنى، مع سلاسة وفصاحة، وقد يستخدم الغريب أحيانًا، كما سبق القول عند الحديث عن ألفاظ القصيدة.
الغوص إلى المعاني السامية والأفكار العالية، واقتناصها بيسر وسهولة، وتناولها برفق حتى ينقاد له الأسلوب، فتأتي معانيه مجلوَّة، وأساليبه واضحة فصيحة لا تعقيد فيها ولا خفاء.
المبالغة في بعض معانيه مثل قوله:
- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي.
- وأسمعت كلماتي من به صمم.
- ويسهر الخلق جرَّاها ويختصم.
- فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
استطاع أسلوب الشاعر أن يصور العاطفة تصويرًا بليغًا مؤثرًا.
يراعي أسلوب الشاعر في مجمله تآلف الكلمات والتراكيب في تكوين الجمل والعبارات.
استخدم المحسنات البديعية مثل: الطباق: ( حَرّ، شبم) ، ( أكتَّم، تدَّعي) ، ( الأنوار، الظُّلَم) ، ( أنام، يسهر) ، ( سَرَّكم، ألم) ، الجناس: ( الخصام، الخصم) ، ( موج، الموت) ، ( الخيل، الليل).
وَاحَرَّ قلباهُ
أولاً: الشكل
المفردات:
واحَرَّ – قلباه – شَبِم – برى – أُكَتَّم – الخصام – الخصم – الحَكَم – سَقَم - أعيذها – تحسَب – ناظره – استوت – صَمَم – شواردها – جَرَّاها – الليث – مهجة – حَرَم – مُرهف – الجحفَلين – البيداء – القِرطاس – وجداننا – عدَم – ذانِ – يَصِم- مِقَة – الدُّرّ – كَلِم.
التراكيب:
فيك الخصام – انتفاعُ بِـ – نظر إلى – أنام عن – يعزُّ على .
ضبط بنية الكلمات:
شَبِمُ ( بفتح الشين وكسر الباء)- أُكَتِّمُ ( بضم الهمزة وفتح الكاف وتشديد التاء مع الكسر) – تَحْسَب ( بفتح السين وهي تختلف في المعنى عن " تحسِب" بكسر السين) – القِرطاس( بكسر القاف) – وِجْدانُنا ( بكسر الواو وتسكين الجيم) – أرضاكُمُ ( بضم الميم محافظةً على الوزن) يَصِمُ ( بكسر الصاد وضم الميم دون تشديد، وهي تختلف في المعنى عن " يَصُمُّ " بضم الصاد وتشديد الميم) – مِقَةٌ( بكسر الميم وفتح القاف وتنوين ضم على التاء المربوطة) – جَفْن ( بفتح الجيم).
الأساليب:
الاستفهام:
- مالي أكَتِّم حُبًَّا قد برى جسدي؟
- وما انتفاع أخي الدنيا بناظره؟
النداء:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي.
واحرَّ قلباه مَّمن قلبه شَبِمُ.
يامن يعزُّ علينا أن نفارقهم.
الشرط:
- إن كان سرَّكم ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ
- إذا استوت عنده الأنوار والظلم. ( جواب الشرط: الشطر الأول).
- إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنَّن أن الليث يبتسم
التعجب:
ما أبعد العيب والنتقصان عن شرفي.
النفي:
شرُّ البلاد مكانُ لا صديق به.
التوكيد:
قد ضُمِّنَ الدُّرَّ.
دلالات الألفاظ والعبارات:
واحرَّ قلباه: دليل شوقه الشديد لسيف الدولة الحمداني.
ممَّن قلبِه شبِمُ: دليل على عدم شوق سيف الدولة للمتنبي وعلى فتوره وعدم اهتمامه.
مالي أكَتِّم: دليل على حرصه على كتمان الأمر والتشديد في هذا الأمر.
مالي أكتِّم ---- البيت: خرج الاستفهام عن معناه إلى الاستنكار، فهو يستنكر على نفسه أن تقوم بكتمان حبه لسيف الدولة ، في حين أن الناس جميعًا يدَّعون ويظهرون حبهم له.
يا أعدل الناس إلا في معاملتي: استهجان من الشاعر لسلوك سيف الدولة الذي يعامل الشاعر معاملة تختلف تمامًا عن معاملته لجميع الناس بالعدل والإنصاف.
وأنت الخصم والحَكَمُ: دليل على يأسه من أن يقوم سيف الدولة بإنصافه.
إذا استوت عنده الأنوار والظلم: دليل على أنه أعمى لا يفرِّق بين النور والظلام.
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي: دليل على جودة شعره المكتوب.
وأسمعت كلماتي من به صمم:دليل على جودة شعره المقروء.
ويسهر الخلق جَرَّاها ويختصم: دليل على عمق معانيها وعدم الوصول إلى هذه المعاني بسهولة.
فلا تظنَّنَّ أنَّ الليث يبتسم: دليل على وجوب عدم الانخداع بالمظاهر.
أدركتُها بجوادٍ ظهره حَرَم: دليل على سرعة الجواد، وكذلك دليل على فروسية الشاعر.
رِجلاه في الركض رِجلُ واليدان يدُ: دليل على السرعة، لأن الحصان عندما يجري بسرعة تنضم رجلاه وتقفزان معًا كأنهما رِجلٌ واحدة، كذلك تفعل اليدان.
ومرهفٍ سرتُ بين الجحفلين به: دليل على شجاعته.
حتى ضربتُ وموج الموت يلتطم: دليل على هول الموقف وشدة وطيس المعركة.
فالخيل والليل والبيداء تعرفني ---- البيت: دليل على شهرته التي طبَّقت الآفاق.
ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي: دليل على شرفه وأنه لا يقترف الآثام أبدًا.
قد ضُمِّن الدُّر إلا أنه كَلِمُ: دليل على فصاحته وبلاغة كلامه.
6- الصور الجمالية:
واحَرَّ قلباه: شبَّه الشوق في قلبه لسيف الدولة بالشيء الحار.
فيمن قلبه شبم: شبَّه عدم شوق سيف الدولة له بشئ بارد.
مالي أكتِّم حبًا قد برى جسدي: شبَّه حبَّه لسيف الدولة بمادة مذيبة أذابت جسمه فأصبح نحيلاً.
فيك الخِصام وأنت الخصم والحكم: شبَّه ما بينه وبين سيف الدولة بما يجري في قاعة المحكمة، ولكن الدعوى في تلك المحكمة خاصة بسيف الدولة الذي هو أيضًا الخصم والقاضي في هذه القضية، ولذلك فإن الإنصاف فيها مستبعد.
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم: شبَّه نفسه بإنسان قد ورم جسمه فظنه البعض سمينًا، وكذلك هو في ظاهرِهِ أمام الناس معافى، ولكنه في الحقيقة يعاني من فتور العلاقة بيننه وبين سيف الدولة الحمداني.
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظُّلم: شبَّه الشاعر سيف الدولة بالأعمى الذي لا يفرق بين النوروالظلمة، فهو لا يميز بين أحوال الشاعر في حال معاناته وبينها في حالة اطمئنانه، فلا فائدة من بصره.
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي: شبَّه قوة شعره وفصاحته بأشعة من نوع خاص تستطيع أن تنفذ إلى عين الأعمى فيرى ويبصر ما كتبه من شعر.
وأسمعت كلماتي من به صمم: شبَّه شعره بصوت قوي يستطيع أن ينفذ إلى آذان الصُّم فيسمعون هذا الصوت.
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنَّنَّ أن الليث يبتسم: شبَّه حاله التي تبدو طبيعية سعيدة في حين أنه يعاني ويكابد، بحال أسد يُبرز أنيابه فيبدو أنه يضحك ويبتسم، فالمظهر في كلا الحالين لايدل على المخبر والحقيقة.
ومهجةٍ مهجتي من هَمِّ صاحبها أدركتُها بجوادٍ ظهره حَرَمُ: شبَّه مهجته من شدة معاناتها وهَمِّ صاحبها بناقةٍ قد غادرت المكان بسرعة فائقة فلم يستطع إدراكها إلا بجواد كريم سريع.
رجلاه في الركض رجلٌ واليدان يد: شبَّه رِجْلَي الجواد برجل واحدة لأنهما متلاصقتان، وهذا لا يكون إلا في ذروة سرعة الجواد، وكذلك شبَّه يديه بيدٍ واحدة لنفس السبب.
حتى ضربتُ وموج الموت يلتطم: شبَّه الموت في تلك المعركة ببحرٍ ذي موج عظيم. كما شبَّه ارتطام الموج بعضه ببعض بمن يلطم خده حزنًا.
فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم: جعل الشاعر من الجمادات كائناتٍ حيَّة تعرف الشاعر حق المعرفة فما بال البشر؟!
إنْ كان سرَّكم ما قال حاسدنا فما لجرحٍ إذا أرضاكمُ ألمُ: شبَّه الشاعر رضا سيف الدولة عنه بدواء شافٍ يجعل جراحاته غير مؤلمة حتى وإن كان سبب رضا سيف الدولة سروره بما قال الحاسدون.
أنا الثريا وذان الشيب والهرم: شبَّه الشاعر نفسه بالثريا في السماء التي لا يطالها أحدُ شرفًا ومكانة، وهو يردُّ بذلك على من جعل شيبه عيبًا وهرمه نقصاناً، فإن ذلك لا يؤثر على شرفه ومكانته.
هذا عتابك إلا أنه مقة قد ضُمِّن الدُّرَّ إلا أنه كَلِمُ: جعل الشاعر معاتبته لسيف الدولة نوعًا من المحبة، ثم شبَّه ما تضمنه هذا العتاب بالدُّر واللآلئ ولكنها ليست لآلئ حقيقية إنما هي الكلام الفصيح الجميل. أي أنه شبَّه الكلام الذي قاله في معاتبة سيف الدولة بالدُّرِّ واللآلئ.
ثانيًا: المضمون
الفكرة العامة:
المتنبي يعاتب سيف الدولة الحمداني ويفخر بنفسه.
2- الفِكَر الجزئية:
حب خفي لسيف الدولة.( البيتان 2،1).
عتاب وحكمة.( الأبيات 5،4،3).
فخر واعتزاز.( الأبيات 6-12).
عتاب وكبرياء.( الأبيات 13-17).
3-الحقائق:
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظُّلَمُ( الأعمى لا يتنفع بعينيه).
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنَّنَّ أن الليث يبتسمُ ( المظهر لا يدل على المخبر دائمًا).
اشتهر المتنبي بالشعر والفروسية.
4- الآراء:
رأي المتنبي في حُبِّ الأمم لسيف الدولة.
رأي المتنبي في معاملة سيف الدولة له، ولغيره من الناس.
رأي المتنبي في المكان الذي لا صديق به.
رأي الطالب في شعر المتنبي.
رأي الناس المعاصرين للمتنبي في المعاني المبتكرة في شعره.
رأي الطالب في قول الشاعر:
- فيك الخصام وأنت الخصم والحَكَم
- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
- والخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
- ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي أنا الثريا وذانِ الشيب والهرم.
5- المواقف:
موقف سيف الدولة من المتنبي.
موقف المتنبي من سيف الدولة.
موقف الأمم من سيف الدولة.
موقف بعض الناس ممن يرونه سميناً.
موقف الأعمى من النور والظلمة.
موقف كل من الأعمى والأصم من شعر المتنبي.( تجوُّزًا).
موقف الناس من شعر المتنبي.
موقف المتنبي مما يخوضه الناس حول شعره.
موقف بعض الناس إذا رأى نيوب الليث بارزة.( موقف المغفلين).
موقف المتنبي من حربه مع أعدائه.
موقف المتنبي في عتابه لسيف الدولة.
6- المفاهيم:
العدل – الخصم – الحَكَم – الأنوار – الظُّلَم – الليث – الجواد – الحاسد.
7- القيم والاتجاهات:
العدل في معاملة الناس.
عدم الانخداع بالمظاهر البرَّاقة.
الشجاعة والفروسية.
الابتعاد عن العيوب والنواقص.
معاتبة الأصدقاء إذا زلُّوا بأسلوب رقيق.
الفصاحة والبلاغة في مخاطبة الآخرين.
ثالثاً: التحليل الأدبي
1- التمهيد:
نوع النص: النص من الشعر الغنائي الذي يقوم على التعبير عن الحالات الوجدانية من عواطف وانفعالات جيَّاشة نلمسها واضحةً جليَّة في كل بيت، بل وفي كل كلمة من كلمات القصيدة. أما من حيث الأغراض الشعرية فالنص يتناول غرضين متداخلين هما العتاب والفخر: عتاب لسيف الدولة وفخر من الشاعر بنفسه.
صاحب النص: أبو الطيب المتنبي أحمد بن الحسين من قبيلة جعفة. وُلد في محلة كندة بالكوفة عام 303 هـ ، وكان أبوه يعمل سقَّاءً. نشأ في البادية وخالط فصحاء العرب، ثم نزح به أبوه إلى الحاضرة حيث دكاكين الكُتَّاب والورَّاقين ، فأخذ عنهم وحفظ دفاترهم. اتصل بسيف الدولة الحمداني أمير حلب، وظل معه في حِلِّه وترحاله، في سِلْمه وحربه. بلغ عنده منزلة أوغرت صدور حُسَّاده عليه حتى استطاعوا أن يخففوا من تمسُّك الأمير به، ففارق سيف الدولة، وذهب إلى مصر حيث مدح كافور الإخشيدي أملاً منه أن يولِّيه ولايةً، غير أنه لم يظفر بشئ من ذلك، فرحل من مصر وزار عضد الدولة البويهي في بلاد فارس، وفي أثناء عودته إلى بغداد خرج عليه جماعة على رأسهم فاتك الأسدي فقتلوه.
والمتنبي من عباقرة الشعراء العرب الذين قلَّما يجود الدهر بأمثالهم. كان طموحاً عزيز النفس، عالي الهمَّة، قوميَّ النزعة، سما بحكمته وشعره الحربي، وقوة معانيه.
العصر والبيئة التي ظهر فيها النص: القصيدة من العصر العباسي، حيث ازدهرت الحضارة فيه ازدهارًا كبيرًا، وتطورت المدنيَّة تطورًا عظيمًا، وشهد هذا العصر أحداثًا عظيمة، وتيارات سياسية شديدة، وكثرت فيه العلوم وازدهرت فيه الآداب وراجت الفلسفة، وامتزج العرب بالأعاجم امتزاجًا كبيرًا. أما بالنسبة للشعر في هذا العصر فقد كان هناك تياران متنازعان:
الأول: يدعو إلى التمسك بالقديم بكل ما فيه من سمات وخصائص.
الثاني: مجدِّد شديد الطموح للتحرر من القديم.
مناسبة النص: بعد أن فترت العلاقة بين الشاعر وسيف الدولة الحمداني بسبب تحريض الوشاة لسيف الدولة الحمداني على المتنبي، وانقضت فترة على هذه الحال، اشتاق الشاعر إلى سيف الدولة وإلى الأيام التي قضاها بصحبته فنظم هذه الأبيات يعاتب فيها سيف الدولة على مقاطعته له، ويفتخر بنفسه، حيث يريد الشاعر كما يبدو أن لا يظن أحد أنه حريص على الحصول على المكاسب والمنافع الشخصية من سيف الدولة.
تحليل المضمون تحليلاً أدبيًا:
الموضوع وأهميته: تتناول الأبيات عتابًا رقيقًا من الشاعر لسيف الدولة الحمداني الذي جفاه بسبب ما سعى به الوشاة والحاقدون، كما تتناول افتخار الشاعر بنفسه. وهذه الأمور مهمة للشاعر فقط، وتقتصر أهميتها بالنسبة للآخرين على التعرف على أسلوب الشاعر، وكيف استطاع أن يصور تصويرًا بليغًا مشاعره وأحاسيسه، بالإضافة إلى بعض القيم النبيلة التي وردت في القصيدة.
الأفكار وترابطها: تبدأ الأبيات بداية مؤثرة تصور حرارة قلب الشاعر ولوعته لما أصاب العلاقة بينه وبين سيف الدولة، وذلك كما يبدو حتى يؤثر في سيف الدولة لعله يعود عن جفوته للشاعر، ثم انتقل إلى الإقناع العقلي بعد الإقناع العاطفي فالشاعر لا يطلب سوى العدل في المعاملة وعدم الاغترار بالمظاهر، فالشاعر يغلي بركانًا بسبب فتور علاقة سيف الدولة به حتى وإن بدا غير مكترث بذلك، لأن المظهر لا يدل دائمًا على الجوهر والمخبر.
وعندما يصل الشاعر إلى هذه النقطة يبدا في الفخر بنفسه وشجاعته وشاعريته حتى لا يظن سيف الدولة أنه إنما يطلب مطامح تافهة، ولكن ما يحركه إنما هو مشاعره الصادقة نحو سيف الدولة.ويسهب الشاعر في هذا الفخر، فشعره قد أثر في الأعمى والأصم فما بال البصير والسميع؟ حتى أنه يقول أبياتًا من الشعر وينام نومًا هادئًا ويترك الآخرين يتجادلون في فهم معناها. وهو قد أصبح من الشهرة بمكان حتى أن الجمادات والحيوانات تعرفه حق المعرفة، وهو في المعارك لا يهاب الموت بل ينغمس بين صفوف الأعداء يقتِّل فيهم يمينًا وشمالاً.
بعد كل ذلك الفخر يعود الشاعر إلى العتاب الذي بدأ به قصيدته، ولكنه يبدأ باستفهام استنكاري،فهو يستهجن كيف رضي سيف الدولة بفراق الشاعر في حين أن هذا الفراق قد عزَّ عليه كثيرًا وجعله كالعدم، ولكن إن كان يرضيه ما سعى به الواشون فلا بأس لأن رضا سيف الدولة سيبرئ جراحات الشاعر، وإن كانت هذه الجراحات عميقة مؤثرة، فالشاعر كالثريا لم يتعود أن يقاطعه أحد، وهو يرى أن البلاد إن خلت من صديق فهي شر البلاد. وكل ذلك يقصد الشاعر من إيراده أن يؤثر في سيف الدولة ويستميل قلبه حتى يعيد ما انقطع من علاقة حميمة بينهما.
وأخيرًا يبين الشاعر أن كل ما قاله في قصيدته إنما هو عتاب بلغة قوية كالجواهر وليس تقريعًا أو ذمًا لسيف الدولة، حتى لا يستغل الواشون ذلك مرة أخرى ويزيدون في السعاية بينهما.
ومن كل ذلك نرى أن القصيدة محكمة السبك، وأفكارها في منتهى الترابط والتسلسل، وكل بيت جاء في مكانه المناسب. حتى ولو أنه بالإمكان تقديم أو تأخير بعض الأبيات دون إخلال كبير بالمعنى، ولكنها في وضعها الحالي في أنسب موضع.
-عمق المعاني: تتَّسم قصيدة المتنبي هذه بالعمق وعدم السطحية، وهي تشتمل على جوانب عاطفية وفكرية عديدة وعميقة. فقلبه يتحرَّق شوقًا لسيف الدولة، وهو الذي تعرفه الخيل والليل والبيداء والسيف والرمح والقرطاس والقلم، وهو الذي لا يهاب القتال ، فيسير بين الجيشين يضرب في الأعداء لا يهاب الموت الذي هو كالبحر متلاطم الأمواج، وهو الذي كالثريا شرفًا وعزًا، وهو الذي عتابه لسيف الدولة دُرَرٌ وجواهر ... إلى آخر هذه المعاني العميقة التي يصورها الشاعر أجمل تصوير في قالب مؤثر.
-سمو المعاني: تدعو القصيدة بطريقة غير مباشرة إلى العديد من المعاني السامية كالمحافظة على ود الأصدقاء حتى وإن جفوا، والعدل في معاملة الجميع، وعدم الاغترار بالمظاهر، والعزة والكرامة، والشجاعة في قتال الأعداء ...إلخ.
-شمول المعاني: تتناول القصيدة أساسًا العتاب والفخر، وهما موضوعان ليسا من الموضوعات الشاملة أو العامة التي تهم كل إنسان في كل زمان ومكان، إنما قد تعرض للإنسان في لحظات معينة. أما المعاني السامية التي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة فهي أكثر شمولية وعمومية من العتاب والفخر.
-جدة المعاني وأصالتها: وردت في القصيدة الكثير من المعاني التي لم يسبق الشاعر فيها أحد، وتعبِّر عن أصالة وجدَّة في شعر المتنبي. ومن هذه المعاني:
تصوير سيف الدولة بأن القاضي والخصم والقضية المطروحة للمداولة في المحكمة.
تصوير الأعمى وقد امتلك حاسة خاصة استطاع بواسطتها رؤية شعر المتنبي.
تصوير الأصم وقد امتلك وسيلةً ما، استطاع بواسطتها سماع شعر المتنبي.
تصوير الحصان في عدوه أثناء المعركة بأن أصبحت له رجل واحدة ويد واحدة نظرًا لتلاصق رجليه وتلاصق يديه.
تصوير الموت ببحر متلاطم الأمواج لا يفلت منه أحد في أرض المعركة.
معرفة الجمادات والحيوانات للشاعر حق المعرفة.
تصوير عتاب الشاعر لسيف الدولة بالدُّرر والجواهر.
-العاطفة: سيطرت على الشاعر في القصيدة عاطفة فخر واعتزاز بالنفس، بالإضافة إلى عاطفة ألم وحزن على فتور العلاقة بينه وبين سيف الدولة. وقد كانت هاتان العاطفتان صادقتان تعبِّران تعبيرًا حقيقيًا عمَّا يجيش في نفس الشاعر، كما أنهما عاطفتان جاءتا قويتين مؤثرتين تؤثران في كل من يقرأ قصيدة المتنبي، فمقاطعة سيف الدولة للمتنبي سيطرت على الشاعر وأخذت عليه كل كيانه ووجدانه.
-الخيال: وردت في القصيدة الكثير من الأخيلة التي ساعدت في إبراز فكرة الشاعر وتصوير عواطفه تصويرًا بليغًا، ومن ذلك :
تخُّيل الجمادات والحيوانات قد تحولت أشخاصًا يصادقون الشاعر ويعرفونه حق المعرفة، فالخيل والليل والبيداء تعرفه، وكذلك السيف والرمح والقرطاس والقلم. وتخيل معي كل هذه الأمور وقد تحولت أشخاصًا تصادق الشاعر وتبادله العواطف والأحاسيس.
تخيُّل الكلام ( عتاب الشاعر لسيف الدولة) وقد تحوَّل إلى دُرٍّ وجواهر تلمع فتأخذ الأبصار، وهذا أمر يسرُّ النفس، ولا يسئ إليها بشيء.
3- تحليل الشكل تحليلاً أدبيًا:
أ- الألفاظ:
* جاءت ألفاظ القصيدة قوية متماسكة تؤثر في النفس، وتعبِّر عن عواطف الشاعر وأفكاره أصدق تعبير.
ففي البيت الأول الذي يصوِّر الشاعر فيه مدى لوعته على جفوة سيف الدولة له، استخدم كلمة
" واحرَّ" الدالة على التفجع، ثم استخدم " قلباه" ولم يستخدم " قلبي" لنفس الغرض.
وفي البيت الثاني استخدم كلمة " أُكتِّم" بتشديد التاء ولم يقل: " أكتُم" ليصور حرصه ومبالغته في كتم هذا الأمر الذي لا يقوى على كتمانه وهو حبه لسيف الدولة.
ثم نراه في أحد الأبيات يقول: أنا الذي نظر الأعمى " ولم يقل " نظر القارئ" مثلاً ليبين مدى تأثير شعره في المتلقِّين لدرجة أن الأعمى يستطيع رؤيته من لمعانه وبريقه. ومثل ذلك استخدم كلمة " صمم" بعد الفعل " أسمعت".
ثم نراه يستخدم كلمة" لا تظنَّنَّ" زيادة في التوكيد على النهي عن الانخداع بالمظاهر.
* ألفاظ الشاعر في مجملها سلسة قريبة من الأفهام لا تنافر بين حروفها وإن وردت بعض الألفاظ الغريبة مثل : شبم ، يَصِم ، مِقَة ، القِرطاس . أما باقي الألفاظ فهي في أغلبها فهي قريبة الفهم سهلة سلسة.
* وتعبِّر كثير من الألفاظ عن البيئة التي عاشها الشاعر، كما تعبِّر عن أسلوبه في الحياة، وحبه للشجاعة والفروسية، ومن تلك الألفاظ: الليث – جواد – حَرَم – الركض – الخيل – الليل – البيداء – السيف – الرمح – القرطاس – القلم – الثريا – جُرح.
* وقد سبق الحديث أن قصيدة الشاعر تناولت غرضين شعريين هما العتاب والفخر، فجاءت ألفاظ القصيدة متناغمة مع هذين الغرضين، وتعبر عنهما تعبيرًا واضحًا.
ففي العتاب استخدم الشاعر ألفاظًا مثل: واحرَّ، قلباه، سقم، أعدل، صديق، عتابك.
وفي الفخر استخدم الشاعر ألفاظًا بصيغة المتكلم مثل: أدبي – كلماتي – أنام – جفوني – مهجتي – أدركتُها – سرتُ – ضربتُ – تعرفني – شرفي – أنا.
ب - التراكيب: تراكيب القصيدة فصيحة بليغة لا يتعثر فيها اللسان ولا الذوق، ولاتقع فيها على تنافر في الألفاظ أو غموض أو مخالفة لأقيسة اللغة .
وقد جاءت كثير من التراكيب معبِّرة تعبيرًا صادقًا عن عواطف الشاعر وانفعالاته مثل: واحرَّ قلباه ، قلبه شبم ، مالي أكتِّم ، فيك الخصام، وأنت الخصم والحكم، نظر الأعمى ... إلخ.
وقد أكثر الشاعر من التراكيب التي تفيد الاحتراس والدقة في تحديد المقصود ومن ذلك:
- التركيب " عنده" في البيت الأول في قوله " ومن بجسمي وحالي عنده سقم" وذلك ليبين أن جسمه وحاله ليستا في حالة سقم في جميع الأحوال إنما فقط عند سيف الدولة.
- التركيب " منك" في قوله" " أعيذها نظراتٍ منك صادقةً"، فهو يريد أن يلفت نظر سيف الدولة دون غيره إلى هذا الأمر وهو عدم الاغترار بالمظاهر.
- التركيب " عنده" في قوله: " إذا استوت عنده الأنوار والظلم" فالأنوار والظًّلَم لا تستوي إلاعند الأعمى، أما في الحقيقة فهما غير مستويان.
- التركيب" في الركض" في قوله: " رجلاه في الركض رجلٌ" احتراساً من أن يظن أحد أن حصان الشاعر برجلٍ واحدة، إنما يظهر في الركض فقط وذلك لانضمام الرجلين وتلاصقهما، وهذا لا يكون إلا في شدة السرعة.
- الأسلوب: يتميز أسلوب الشاعر في هذه القصيدة بما يلي:
بروز شخصية الشاعر في قصيدته، وشدة إيمانه برأيه، وقوة اعتداده بنفسه، ولذلك أكثر الشاعر من استخدام صيغة المتكلم في القصيدة.
رصانة الأسلوب وجودة التركيب في متانةٍ وإحكام.
الإكثار من التشبيهات والاستعارات الأنيقة، وقد بدا ذلك واضحاً جليًا عند حديثنا عن الصور الجمالية في القصيدة.
انتقاء الألفاظ الفخمة المؤدية للمعنى، مع سلاسة وفصاحة، وقد يستخدم الغريب أحيانًا، كما سبق القول عند الحديث عن ألفاظ القصيدة.
الغوص إلى المعاني السامية والأفكار العالية، واقتناصها بيسر وسهولة، وتناولها برفق حتى ينقاد له الأسلوب، فتأتي معانيه مجلوَّة، وأساليبه واضحة فصيحة لا تعقيد فيها ولا خفاء.
المبالغة في بعض معانيه مثل قوله:
- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي.
- وأسمعت كلماتي من به صمم.
- ويسهر الخلق جرَّاها ويختصم.
- فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم.
استطاع أسلوب الشاعر أن يصور العاطفة تصويرًا بليغًا مؤثرًا.
يراعي أسلوب الشاعر في مجمله تآلف الكلمات والتراكيب في تكوين الجمل والعبارات.
استخدم المحسنات البديعية مثل: الطباق: ( حَرّ، شبم) ، ( أكتَّم، تدَّعي) ، ( الأنوار، الظُّلَم) ، ( أنام، يسهر) ، ( سَرَّكم، ألم) ، الجناس: ( الخصام، الخصم) ، ( موج، الموت) ، ( الخيل، الليل).