الاعجاز القرآني للجبال

فاطمة صالح

عضو جديد
يقول الحق تعالى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل : 88 ] سُجل مؤخرا وبتقنيات فنية عالية شريط (علمي ) جديد يوضح كيف كانت تتحرك ( الجبال ) على سطح الأرض منذ ملايين السنين ، وفق ما يُعرف بـ ( تزحزح القارات ) نظرية الانجراف القاري. الإنسان ومن خلال عمره ( القصير ) في هته الحياة لن يستطيع أن يمسك أو أن ويرى تحرك تلك ( الجبال الصخرية ) .. ، ولكن بتطورات العلم الحديث ووسائله استطاع الإنسان أن يمتلك رؤية أخرى وهي (رؤية علمية) ، مكنته ( كما سترون من خلال هذا الشريط ) كيف أن تلك ( الجبال الصخرية ) تحركت في نظام بديع وتداخلت في ما بينها كما يتداخل ويمر السحاب أمامنا في السماء!! حدث ذلك منذ ملايين السنين ..وما زال لحد الساعة يحدث .. تمر تلك الجبال مرور السحاب !! ولكننا لا نشعر بها !!
تُعد هته الاكتشافات العلمية ( الحديثة ) آية من آيات الله العظيمة في أنفسنا وفي الآفاق ، يرينا الله إياها بيانا لكل حق وحقيقة ، مصداقا لقوله تعالى :(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [فصلت : 53].
مرور الجبال ..آية من الآيات العظيمة التي تُظهر عظمة صنع الله في خلقه ،فالآية الكريمة جاء موضعها في متتاليات الآيات من (نفس السورة )، تكد نفس المعنى ونفس الحقائق التي ذهبنا إليها حيث نلاحظ أن متتاليات ( الذكر ) بالقرآن الكريم كثيرا ما تأتي على سياق : آيات الوعيد والإنذار بيوم القيامة (الساعة وأهوالها..)، تتبعها آيات تُذكر بعظمة الخلق وصنع الله ، تليها آيات أخرى تذكر بأهوال اليوم الموعود .. وهكذا . وإذا تتبعنا موضع آية ( مرور الجبال سنجدها ) سنجدها تتبع نفس الإعجاز في متتاليات الذكر : يقول الحق تعالى (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) [النمل :83ـ 87].
1ـ الآيات (83 ـ84ـ 85) تستعرض أحداث يوم الحشر والحساب ( أهوال اليوم الموعود ) يقول الحق تعالى (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85).
2ـ الآية التي تليها ( الآية 86) تستعرض آية من آيات عظمة خلق الله وصنعه ( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86)).
3 ـ الآية التي تليها تعود لتستعرض مشاهد أخرى من أهوال يوم القيامة (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87).
4 ـ وتعود الآية التي تليها ( آية مرور السحاب ) لتستعرض لنا جانب آخر من عظمة صنع الله في خلقه ، والعجيب أن نفس الآية الكريمة حملت تلك الدلالات وذلك الإعجاز بقوله تعالى (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) ، يقول الحق تعالى ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) ويطيب لي أن أضيف ـ هنا ـ قولا جميلا للشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى رحمة واسعة حين قال: ( (تَحْسَبُهَا جَامِدَةً) أي تظنها ثابتة، ويوم القيامة لا يوجد ظن بل إن الظن في الدنيا أما يوم القيامة فكل ما نراه هو الحق، ولذلك هذه الآية تتحدث عن حركة الجبال في الدنيا ) تلك آيات بينات للناس ...فهل من مذكر !! يقول الحق تعالى (وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) [الأنعام : 126].
 
أعلى