فاطمة صالح
عضو جديد
::::no::::no::::noحكم الانتحار ومن مات منتحراً في الشريعة الإسلامية
نسكو نقلا من الحقيقة الدولية
■ القضية:
عرفت قضية الانتحار في المجتمعات الغربية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة؛ على الرغم من توفر سبل العيش الكريم والترف للأفراد والجماعات، ويعزو الكثيرون هذا الانتحار إلى الفراغ الروحي الذي عصف بفئة الشباب المنتحرين في تلك المجتمعات التي يمكن وصفها بالمادية، فيما عرفتها المجتمعات العربية والإسلامية في السنوات القليلة الماضية مع نهاية القرن المنصرم، والتي أثار استخدامها في المجال العسكري أكثر منه من الجانب المدني، حيث عمدت بعض الجماعات الإسلامية التي تتبنى منهج المقاومة والجهاد استخدام هذا التكتيك العسكري في ظل اختلال ميزان القوى مع القوات الغازية لبلاد المسلمين، وقد دار جدل واسع بين الفقهاء المعاصرين حول حليّة هذا العمل، والذي كنا قد أثرناه بالتفصيل مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة في زاويتنا الأسبوعية "أنت تسأل والهيئة الشرعية تجيب"، في عدد سابق من صحيفة الحقيقة الدولية.
ما دفعنا لتناول هذه المسألة هو إقبال إحدى الفتيات الأردنيات على محاولة انتحار، يعتقد البعض أنها قامت بهذا الفعل للفت النظر إلى معاناتها والمساهمة في حل مشكلتها، حيث قامت هذه الفتاة وهي طالبة جامعية تقطن في منطقة مأدبا، وتدرس في جامعة حكومية في مدينة معان، وتنتمي الفتاة إلى عائلة مستورة الحال، حيث أن حالتها الاجتماعية لا تكفي لسد حاجاتها الأساسية، إذ أن الفتاة تحتاج إلى مبلغ عشرة دنانير يومياً لتغطية مصروفها اليومي، وهو مبلغ لا تستطيع العائلة تغطيته والالتزام لها بشكل يومي، وحيث أن الفتاة من عائلة محافظة وذات تربية عميقة مرتبطة بالدين والعادات والتقاليد، لم تلجأ هذه الفتاة إلى أساليب ضعاف النفوس من الفتيات.
وتفاصيل رواية محاولة "انتحارها"؛ أن الفتاة قامت بالاتصال بعدة وسائل إعلام أردنية تخبرهم بأنها ستقوم برمي نفسها من فوق عمارة عالية، وأعطت تلك الوسائل الإعلامية اسم ومكان العمارة التي سترمي نفسها من فوقها، وبالفعل حضرت بعض وسائل الإعلام لتغطية الحدث الهام، والوقوف على تفاصيله، حيث تمكنت أجهزة الدفاع المدني والأمن العام من منع عملية انتحار هذه الفتاة، التي استخدمت وسيلة خطيرة للتعريف بمشكلتها والتي يعاني منها فئة كبيرة من أبناء الشعب.
وللوقوف على الحكم الشرعي لقيام أي شخص بالانتحار، طرحنا هذه المسألة الحيوية الهامة على هيئتنا الشرعية فأجابتنا مشكورة مأجورة بما يلي.
■ السؤال
ما حكم من مات منتحراً، وما عقابه في الآخرة؟ وما حكم انتحار المسلمة الأسيرة في حال تعرضها لخطر في عرضها أو تعرضت لعذاب شديد؟
■ جواب الهيئة الشرعية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالانتحار كبيرة من كبائر الذنوب، وهو قتل النفس متعمداً. وربنا - جل وعلا - يقول: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما) والمؤمن لا يجوز له أن يقتل نفسه. قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، وقد كان رجل من الصحابة أبلى في الجهاد بلاء حسناً، وكان له مواقف جيدة في قتال الكفار، ولما انتهت المعركة وكان به جرح لم يصبر على الألم، فقتل نفسه فسئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، - فقال هو في النار - وأخبر صلى الله عليه وسلم - أنه من قتل نفسه بحديده فإنه يعذب يوم القيامة في النار بهذه الحديدة التي قتل بها نفسه.
أما حكم انتحار المسلمة الأسيرة في حال تعرضها لخطر في عرضها أو تعرضت لعذاب شديد؟
الأصل أن الانتحار بشكل عام محرم؛ وأما في حال تعرض المسلمة الأسيرة ـ كما جاء في السؤال ـ بالاعتداء على عرضها أو التعرض لعذاب شديد فالجواب: أن المرأة المسلمة بين أمرين إذا انتحرت فقد قامت بفعل محرم لكنها إن لم تنتحر فتعرضها لمخاطر العذاب أو العرض أمر محتمل ولذا فالمفسدة المترتبة على الانتحار تكون متحققة لكن المفسدة الأخرى غير متيقنة ولذا فلا يجوز الانتحار من هذا الوجه، وأمر آخر بالموازنة بين مفسدتين.. مفسدة الانتحار ومفسدة العذاب الشديد فإن تحمل المفسدة الثانية أو الضرر الثاني أخف من الضرر الأول.
ثم إن المحافظة على النفس من الضروريات الخمس التي أمرت الشريعة الإسلامية بالمحافظة عليها وأعطتها الأولوية على كل شيء، وهي ما تسمى بالفقه "مقاصد الشريعة" بينما المحافظة على العرض وما دون النفس من الحاجيات لذا فلا يجوز للمرأة أن تقتل نفسها، وبخاصة أنها تتعرض للاغتصاب وغيره مكرهة غير راضية. والله تعالى أعلم.
::::no::::no::::no::::no::::no::::no::::no
نسكو نقلا من الحقيقة الدولية
■ القضية:
عرفت قضية الانتحار في المجتمعات الغربية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة؛ على الرغم من توفر سبل العيش الكريم والترف للأفراد والجماعات، ويعزو الكثيرون هذا الانتحار إلى الفراغ الروحي الذي عصف بفئة الشباب المنتحرين في تلك المجتمعات التي يمكن وصفها بالمادية، فيما عرفتها المجتمعات العربية والإسلامية في السنوات القليلة الماضية مع نهاية القرن المنصرم، والتي أثار استخدامها في المجال العسكري أكثر منه من الجانب المدني، حيث عمدت بعض الجماعات الإسلامية التي تتبنى منهج المقاومة والجهاد استخدام هذا التكتيك العسكري في ظل اختلال ميزان القوى مع القوات الغازية لبلاد المسلمين، وقد دار جدل واسع بين الفقهاء المعاصرين حول حليّة هذا العمل، والذي كنا قد أثرناه بالتفصيل مع ذكر الأدلة من الكتاب والسنة في زاويتنا الأسبوعية "أنت تسأل والهيئة الشرعية تجيب"، في عدد سابق من صحيفة الحقيقة الدولية.
ما دفعنا لتناول هذه المسألة هو إقبال إحدى الفتيات الأردنيات على محاولة انتحار، يعتقد البعض أنها قامت بهذا الفعل للفت النظر إلى معاناتها والمساهمة في حل مشكلتها، حيث قامت هذه الفتاة وهي طالبة جامعية تقطن في منطقة مأدبا، وتدرس في جامعة حكومية في مدينة معان، وتنتمي الفتاة إلى عائلة مستورة الحال، حيث أن حالتها الاجتماعية لا تكفي لسد حاجاتها الأساسية، إذ أن الفتاة تحتاج إلى مبلغ عشرة دنانير يومياً لتغطية مصروفها اليومي، وهو مبلغ لا تستطيع العائلة تغطيته والالتزام لها بشكل يومي، وحيث أن الفتاة من عائلة محافظة وذات تربية عميقة مرتبطة بالدين والعادات والتقاليد، لم تلجأ هذه الفتاة إلى أساليب ضعاف النفوس من الفتيات.
وتفاصيل رواية محاولة "انتحارها"؛ أن الفتاة قامت بالاتصال بعدة وسائل إعلام أردنية تخبرهم بأنها ستقوم برمي نفسها من فوق عمارة عالية، وأعطت تلك الوسائل الإعلامية اسم ومكان العمارة التي سترمي نفسها من فوقها، وبالفعل حضرت بعض وسائل الإعلام لتغطية الحدث الهام، والوقوف على تفاصيله، حيث تمكنت أجهزة الدفاع المدني والأمن العام من منع عملية انتحار هذه الفتاة، التي استخدمت وسيلة خطيرة للتعريف بمشكلتها والتي يعاني منها فئة كبيرة من أبناء الشعب.
وللوقوف على الحكم الشرعي لقيام أي شخص بالانتحار، طرحنا هذه المسألة الحيوية الهامة على هيئتنا الشرعية فأجابتنا مشكورة مأجورة بما يلي.
■ السؤال
ما حكم من مات منتحراً، وما عقابه في الآخرة؟ وما حكم انتحار المسلمة الأسيرة في حال تعرضها لخطر في عرضها أو تعرضت لعذاب شديد؟
■ جواب الهيئة الشرعية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالانتحار كبيرة من كبائر الذنوب، وهو قتل النفس متعمداً. وربنا - جل وعلا - يقول: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما) والمؤمن لا يجوز له أن يقتل نفسه. قال الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، وقد كان رجل من الصحابة أبلى في الجهاد بلاء حسناً، وكان له مواقف جيدة في قتال الكفار، ولما انتهت المعركة وكان به جرح لم يصبر على الألم، فقتل نفسه فسئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم، - فقال هو في النار - وأخبر صلى الله عليه وسلم - أنه من قتل نفسه بحديده فإنه يعذب يوم القيامة في النار بهذه الحديدة التي قتل بها نفسه.
أما حكم انتحار المسلمة الأسيرة في حال تعرضها لخطر في عرضها أو تعرضت لعذاب شديد؟
الأصل أن الانتحار بشكل عام محرم؛ وأما في حال تعرض المسلمة الأسيرة ـ كما جاء في السؤال ـ بالاعتداء على عرضها أو التعرض لعذاب شديد فالجواب: أن المرأة المسلمة بين أمرين إذا انتحرت فقد قامت بفعل محرم لكنها إن لم تنتحر فتعرضها لمخاطر العذاب أو العرض أمر محتمل ولذا فالمفسدة المترتبة على الانتحار تكون متحققة لكن المفسدة الأخرى غير متيقنة ولذا فلا يجوز الانتحار من هذا الوجه، وأمر آخر بالموازنة بين مفسدتين.. مفسدة الانتحار ومفسدة العذاب الشديد فإن تحمل المفسدة الثانية أو الضرر الثاني أخف من الضرر الأول.
ثم إن المحافظة على النفس من الضروريات الخمس التي أمرت الشريعة الإسلامية بالمحافظة عليها وأعطتها الأولوية على كل شيء، وهي ما تسمى بالفقه "مقاصد الشريعة" بينما المحافظة على العرض وما دون النفس من الحاجيات لذا فلا يجوز للمرأة أن تقتل نفسها، وبخاصة أنها تتعرض للاغتصاب وغيره مكرهة غير راضية. والله تعالى أعلم.
::::no::::no::::no::::no::::no::::no::::no